book

ثناء على الجيل الجديد

لا أفتقر لمعرفة بالجيل الجديد، أغلب علاقاتي وأحاديثي وحواراتي معهم، هم أقرب إليّ، يعرفون جيدًا قربي لهم، وفهمي لنمط حضورهم في العالم الجديد. عملت في التعليم أكثر من أربعين سنة، وكنت وما زلت أقرب لرؤية جيل الأبناء من رؤية جيلي. ذلك ما يدعوني للكتابة عن هذا الجيل، وتثمين منجزه اليوم، وما يعد به غدًا. حاولت في هذا الكتاب تقديمَ رؤيتي الشخصية، وإن كنت أعرف سلفًا أنها لا تعكس رؤيةَ كلِّ جيلي، ولم أمنح نفسي الحق بالكلام نيابة عن أيّ إنسان في الأرض. إنها رؤية شخصية لأب لديه عائلة تشكلت قبل نصف قرن تقريبًا، تتكون هذه العائلة من أم وأب، وابنتين، وأربعة أبناء، أصغرهم تجاوز الثلاثين من عمره، وأكملوا تعليمهم العالي، وتحصَّل بعضهم على الدكتوراه، وآخرون على الماجستير. لا يحمل هذا الكتاب شعارات تحريضية ولا دعوات تعبوية، إنه محاولة تنشد تفسير ما يميز جيل الأبناء ويجعله متفوقًا على آبائه وأسلافه، ولا ينشد الكتابُ افتعالَ صراع بين الأجيال، بل يحاول الكشف عن نسيج تضاريس الواقع المتشعّبة والمتضادّة الذي تعيشه مجتمعاتنا اليوم. إنها دعوة لتفهم الآباء لعالَم الأبناء، وتفهم الأبناء لعالَم الآباء. ولا يتحقّق ذلك إلا بمواقف شجاعة للآباء والأبناء معًا، يبادر فيها الكلُّ للحوار والتفاهم والتصالح، والعمل الجادّ على خلق شراكة واقعية تُستثمَر فيها الطاقات من أجل بناء عالم أجمل، والسعي لخفض وتيرة عدم الاعتراف والتنابذ والاحتراب والقطيعة بين جيل الآباء والأبناء.