شاع مصطلح السرد الثقافي في دراسات ما بعد الحداثة، وارتبطَ بالدراسات الثقافية والنقد الثقافي لاحقاً، فهناك سرديات ثقافية يبتكرها المثقفون من الروائيين أو أفراد ثقافة ما، بقصد الشروع بمقاومة بنية قوة متاحة من وجهة نظر النقد. فالسرد الثقافي يمكن أن يكون وسيلة للتعبير عن رؤية ثقافة فرعية أو مهيمنة، وقد أنتج ما يسمى بـ(الرواية الثقافية) التي ترتبط بالأفكار والعادات والتقاليد والسلوكيات لمجتمع ما، وقد تكون الرواية تمثل واقعة ثقافية أو متخيلة، وقد تكون لها أكثر من زاوية نظر تمثل كل أو بعض منظورات شخوص الرواية في أنها تشبه غيرها من النتاجات الثقافية من حيث خضوعها للمتغيرات المكانية والاجتماعية والسياسية. لذا يعدُّ هذا الكتاب رائداً في هذا المجال، فهو يسلط الضوء على الأبعاد الثقافية وارتباطاتها التاريخية والسياسية، ولعل القضية الثقافية هيمنت على مفاصل الكتاب من خلال العمل على تطوير مفهوم السرد الثقافي ليتجاوز الحدود التي وُضِعتْ له.