book

مفارقات وأضداد في توظيف الدين والتراث

حاولتُ في هذا الكتاب انتخابَ جماعةٍ من مفكري الفضائين العربي والإيراني، يختلفون أكثر مما يتفقون في فضائهم الثقافي الواحد، لكلِّ واحدٍ منهم فرادةٌ في طريقةِ تفكيره، وبصمةِ لغته، وتميزٌ عن غيره في رؤيته للعالم. بدأ الكتابُ بحديثٍ عن علي الوردي، بوصفه مثالًا لولادةٍ مُجهَضة لأول مثقف ديني عراقي. وهو الذي لا يكفّ في كتاباته عن الإثارة والتحرّش في تابوات المجتمع. ودرس الكتابُ فكرَ حسن حنفي، وهو مثال ينفرد فيه مفكرٌ تشعر وأنت تقرأه كأنك داخلَ مكتبة يتحدث فيها المتكلمون واللاهوتيون، والفلاسفة، والمفكرون، تستمع إلى أصواتهم المتنازعة بصوت كاتب يلفّقها، فتنطق بصوته، وتعبّر عن رؤيته. ودرس الكتابُ تجربةَ مفكرٍ إيراني هو داريوش شايغان، الذي تتميز رحلتُه الفكرية بثرائِها وكثافتها النوعية، وشجاعةِ عقله على الانتقال عبر محطات، يغادر في كلِّ سابقة منها مُقلِعًا إلى لاحقةٍ لا تكرّرها، وهو يستأنف النظرَ في مسلّماته وقناعاته وأحلامه الماضية. ودرس فكرَ مواطنه حسين نصر، وهو مفكرٌ مثير للجدل، تميّز ببصمةِ فكره الميتافيزيقي المركبةِ ذات المنحى الغنوصي الغامض. واتسع هذا الكتابُ لدراسة فكر أحمد فرديد، وهو المفكر الإيراني الشفاهي، الذي شغل النخبةَ الإيرانية في زمانه بمنحوتاتِه اللغوية ومعجمِه الاصطلاحي الغريب، وأفكارِه الملتبِسة الهجينة. ووقف الكتابُ في فصله الخامس عند ظاهرةٍ فكرية ليست شاذةً في الفكر العربي في زماننا، وانتخب أحدَ أبرز ممثليها، وهو محمد عمارة، الذي رحل من الماركسية إلى السلفية عبر سلسلة من المحطات. وتحدث الكتابُ عن داعيةِ اللاعنف جودت سعيد، وأمانيه الرومانسية بموت الحرب. وفي فصله الختامي تحدث الكتابُ عن هاجس الهوية والصراع الحضاري لدى المفكر الجزائري مالك بن نبي.