book

بيني وبين نفسي

لماذا «بيني وبين نفسي»؟لطالما تردّدتُ في صياغة عنوان هذا الكتاب الذي جمعتُ فيه فصولاً كتبتُها على فترات متباعدة عن تجربتي في حركة الأنصار الشيوعية في عقد الثمانينيات من القرن الفائت، هذه الفصول كنت ألجأ لكتابتها على فترات متقطّعة كلّما تناوشت الذاكرة بعضاً من أحداثها شبه المنسية التي يكون حضورها مفاجئاً بمسبّب غير مُبرّر. في هذه الأوراق هناك ما كُتب بدواعٍ من توثيق حقبة مهمّة من حقب تاريخ الحركة الأنصارية سبقني الكثيرون من رفاق المسيرة في تدوين أحداثها، كلّاً بما يخصّ تجربته ونظرته للأحداث. كما أنني وجدت أنه من الأمانة التاريخية أن أكمل سرد بعض التفاصيل التي لم يأتِ عليها أحد ممّن سبقني في الكتابة، لأنها تفاصيل تخصّني شخصيّاً وباتت جزءاً من كياني. وقد يرى من يقرأ هذه الأوراق أنها كُتِبت بمديات زمنيّة متشابكة، وهذا طبيعيٌّ في مثل تجربة يختلط فيها السرد الواعي بالتداعيات الذهنيّة المتسارعة، ذلك أن كلّ حدثٍ يتوقّف ليستدعي أحداثاً أخرى سبقت حدوثه، إضافة إلى تمهيده لحدث سيأتي بعده. والآن وقد انتهيت ممّا سمّيته «التقطير الإتلافي للذاكرة» في كتابتي لهذه الأوراق، فأنا أُعلن أنني مسؤول عن كلّ ما فيها مسؤولية تاريخية وأخلاقيّة يفرضها عليّ الضمير العقائدي. وإني وأن انتهيت من تدوين أحداث ما مرّ بي في هذه التجربة الفريدة التي لم أعمد في البداية إلى أن تظهر للعموم، فإن عليّ أن أعترف إن دافع كتابتها الأوّل لم يكن كذلك، بل كان أن أكتبها فقط، بيني وبين نفسي