خيارات التصفية

إعادة تعيين التصفية

المكتبة

فلتر
book

على امتداد عشرة فصولٍ، يُناقش كتاب "مفاتيح خزائن السَّرد" الأصناف السَّرديَّة الكبرى في الأدب العربيِّ القديم، بدءاً من الحكاية البطوليَّة قبل الإسلام، ومروراً بالسَّرد التاريخيِّ، وحكاية الرُّؤيا، وحكاية الحَيَوان، والسِّيرة الشَّعبيَّة، والحِكَم والأمثال السائرة في التُّراث الثَّقافيِّ، وصنف المقامة وعلاقتها بفنِّ الكدية. ويتفحَّصُ إمكان وجود رواية عربيَّة قديمة، ويتطرَّق للسَّرد الأمثوليِّ والخرافيِّ المترجم. يتناول الكتاب الخصائص الثَّقافيَّة والبنائيَّة لكلِّ صنفٍ من هذه الأصناف السَّرديَّة في ضوء علاقتها بمدوَّنةِ المعتمد الأدبيِّ الراسخ الذي طوَّرتْهُ أجيالٌ من الأُدَباء بوصفه القيمة المثاليَّة الثابتة للأدب، وبوصف لغتِهِ اللُّغة المعياريَّة التي لا معدلَ عنها.يهتمُّ الكتاب بفحص الأدوات الاصطلاحيَّة والمفهوميَّة التي توطِّد بها لغة السَّرد نفسَها في الذاكرة الثَّقافيَّة للمجتمع؛ وعلاقة النُّخبة المثقَّفة باللُّغة المعياريَّة من جهةٍ، ولغة السَّرد من جهةٍ ثانيةٍ، بهدف تخليص التَّحليل الصِّنفيِّ من التَّراتب الأيديولوجيِّ والثَّقافيِّ الذي أخضعتْهُ له الأدوات النَّقديَّة المعياريَّة القديمة.

book

سعت مؤسسة “مسارات” لإطلاق سلسلة توثّق للإبادات في القرن العشرين وبداية القرن الحادي والعشرين، وصولاً إلى ما ارتكبه تنظيم داعش من فظاعات قل مثيلها. جاء الإصدار الأول من السلسلة (100 عام على إبادة الأرمن)، بجهود مشتركة مع (اللجنة المركزية لإحياء الإبادة الأرمنية في العراق)، وأحتل الكتاب التوثيقي "الفرمان الأخير" الترتيب الثاني في السلسلة. محاولاً جذب الانتباه إلى آخر أبادة فظيعة شهدها العالم في سنجار للأقلية الإيزيدية. وقدم الكتاب الثالث (بلا رحمة: بيت عراقي مختوم بالشمع الأحمر) شهادة مؤثرة عن حقبة تغول الدولة القومية، وفي توثيقه لقصة التهجير القسري والإقتلاع المرعب للمواطنين من الأقلية الفيلية سجل تاريخاً حياً للتطهير العرقي ما تزال آثاره ماثلة منذ عقود. أما الكتاب الرابع في السلسلة (شمس في وجه الظلام) للباحث حسو هورمي (رئيس المؤسسة الإيزيدية الدولية لمناهضة الإبادة الجماعية)، فيتضمن مغامرة جريئة لتسجيل قراءات نسوية لباحثات من فضاءات وثقافات متعددة، عن تجربة ناجية إيزيدية. يوثق هذا المشروع الرائد للنشر بالعربية، والذي أطلقته “مسارات” عام 2015 بالتعاون مع “دار الرافدين” في بيروت، الفظائع التي واجهت المجتمع العراقي بكافة أطيافه ومواطنيه. متضمنا رسالة مهمة توجه إلى الحكومة العراقية والمجتمع الدولي، أو بعبارة أدق دعوة إصلاحية حول تطوير الهياكل والأطر المؤسسية الوطنية والدولية لمنع الإبادة المقبلة.

book

لماذا «بيني وبين نفسي»؟لطالما تردّدتُ في صياغة عنوان هذا الكتاب الذي جمعتُ فيه فصولاً كتبتُها على فترات متباعدة عن تجربتي في حركة الأنصار الشيوعية في عقد الثمانينيات من القرن الفائت، هذه الفصول كنت ألجأ لكتابتها على فترات متقطّعة كلّما تناوشت الذاكرة بعضاً من أحداثها شبه المنسية التي يكون حضورها مفاجئاً بمسبّب غير مُبرّر. في هذه الأوراق هناك ما كُتب بدواعٍ من توثيق حقبة مهمّة من حقب تاريخ الحركة الأنصارية سبقني الكثيرون من رفاق المسيرة في تدوين أحداثها، كلّاً بما يخصّ تجربته ونظرته للأحداث. كما أنني وجدت أنه من الأمانة التاريخية أن أكمل سرد بعض التفاصيل التي لم يأتِ عليها أحد ممّن سبقني في الكتابة، لأنها تفاصيل تخصّني شخصيّاً وباتت جزءاً من كياني. وقد يرى من يقرأ هذه الأوراق أنها كُتِبت بمديات زمنيّة متشابكة، وهذا طبيعيٌّ في مثل تجربة يختلط فيها السرد الواعي بالتداعيات الذهنيّة المتسارعة، ذلك أن كلّ حدثٍ يتوقّف ليستدعي أحداثاً أخرى سبقت حدوثه، إضافة إلى تمهيده لحدث سيأتي بعده. والآن وقد انتهيت ممّا سمّيته «التقطير الإتلافي للذاكرة» في كتابتي لهذه الأوراق، فأنا أُعلن أنني مسؤول عن كلّ ما فيها مسؤولية تاريخية وأخلاقيّة يفرضها عليّ الضمير العقائدي. وإني وأن انتهيت من تدوين أحداث ما مرّ بي في هذه التجربة الفريدة التي لم أعمد في البداية إلى أن تظهر للعموم، فإن عليّ أن أعترف إن دافع كتابتها الأوّل لم يكن كذلك، بل كان أن أكتبها فقط، بيني وبين نفسي

book

في روايته البوليسيَّة "دراما في الصّيْد" لا يكتفي تشيخوف بتصوير الجريمة، بل يُحاوِلُ القبضَ على الجذور الفلسفية والاجتماعية للجريمة، مؤكِّداً أنَّ المجرمَ لا ينفكُّ عن المجتمع الذي خلَقَهُ.تحتفي الرواية بسِمات تشيخوف الحقيقي: نظرته الرصينة للإنسان، وسيكولوجيّته القاسية، وتقديس العقل الذي يرفض الابتذال. فالإنسان الإيجابيُّ هو الإنسان الفاعل، الذي يُمَثِّلُهُ كلُّ مَنْ يكدَحُ لإنتاجِ الحياة، لذلك يتمتّع هذا الإنسان، مهما كان بسيطاً، بحَقّ ازدراء "الأسياد" الذين يُفَرِّطون في جهود الآخرين.يُضْفي تشيخوف على بطلاتِه، طبْعاً حيويّاً ومعقّداً، فلا تتحكم إرادة الكاتب بتصرُّفاتِهن، وإنما تنْبُع من رغباتِهن وتطلُّعاتِهن الداخلية، فلا يسوقُهُن القَدَرُ الأعمى إلى المأساة، بل أولئك البشر المعطوبون روحيّاً.

book

هل يمكن للإنسان أن يعيش بلا ذاكرة؟ تحت سلطة وباء جماعي يذكّر بأجواء البرتغالي ساراماغو في رائعته "العمى"، تتعطل ذاكرة الناس ومنهم أبطال هذه الرواية التي يدشنها أحمد الدوسري بعبارة مفتاحية: "تحذير... الوياء بُركة... جميعنا الآن لا منتمون". يتقاطع فقدان الذاكرة مع محاولة الايديولوجيا في البلدان العربية صياغة سياسة بلا ماضٍ، وتأسيس حاضر على هويات هلامية: من قلب "الاسم العربي الجريح" بتعبير المفكر المغربي عبد الكبير الخطيبي، تطرح الرواية أسئلتها الصعبة في الوجود والسياسة والفن بأسلوب لا يخلو من الفنتازيا: "الذكريات جنودٌ مجندة، وهو من سلاح المشاة، في مدينة لا يعرفها، أو لا تعترف به...تساءل مثل عصفور سقط من شجرة: لماذا لا تناديه المدينة إن لم تكن قد فقدَت ذاكرتها هي الأخرى؟".

book
$13.00

حكـاية شيقة من نمط الأسـاطير التي وضعهـا هوميروس أو فيرجل يقدمهـا فنلون بإطـار يجمع بين الحبكة المثيرة والمعـارف الأسـاسية في السيـاسة والدين والمجتمع. فالقصة التي تبدو كأنهـا وضعت للتسلية تأخذ القـارئ معهـا إلى جملة من الأسفـار الملحمية التي تستفيد من الحكـايات القديمة لتقدّم شخصياتهـا مغـامرات فـاتنة تحبس الأنفـاس من نـاحية فنية، وتبث برسـائل سيـاسية ومجتمعية من نـاحية أخرى، فالمؤلف الحـاذق أدان واقع فرنسـا أيـام لويس الرابع عشر وصوّر على نحو دقيق مشكلات المجتمع الأخلاقية والسيـاسية، وصفحات الفسـاد والخراب البشري على يد الحكومات الطـاغية، كل ذلك بإطـار شعري بـاهر وإن بدا النص نثريـاً، زادته جمـالاً روعة الترجمة وأصالتهـا.حقق الكتاب ولا يزال شهرة منقطعة النظير، فمنذ طبعته الأولى عـام 1699م أعيد طبـاعته وترجمته إلى لغـات العـالم 150 مرة حتى أوائل القرن التـاسع عشر ممـا يجعله من عيون الأدب العـالمي لمـا توافر عليه من جمـال أسلوب وصنعة أدبية رفيعة.

book

يستقبل تاكاموري وأخته توموي "الأبله الرائع" غاستون بونابرت القادم من باريس إلى طوكيو ما بعد الحرب العالمية الثانية. وينطلق شوساكو أندو، الروائي الياباني المعروف، إلى الغوص بمناسبة هذه الزيارة الطريفة في أعماق الحياة اليابانية الفريدة بعد معاناة طويلة مع الاستبداد والحرب والاحتلال. هنالك رغبة لدى اليابانيين في بداية جديدة تخذلها طبقاتٌ عميقةٌ من الفساد والكراهية والثأر. رواية شيقة ومتقنة، عميقة وصريحة في طرح أسئلة عالم ما بعد الحرب. تراوح فيها البلاهة بين الملهاة والمأساة، ويعيد فيها أندو كتابة أبله دوستيوفسكي بتنويعات حديثة. علّق على صدورها الروائي البريطاني غراهام غرين بالقول "أندو كما أرى هو واحدٌ من أفضل الروائيين الأحياء. وروايته "الأبله الرائع" دليلٌ قصصي مكتمل لطوكيو وللتجربة اليابانية."شوساكو أندو (1923 ـ 1996) روائي ياباني بارز تناول في أعماله الروائية أسئلة العلاقة بين الشرق والغرب والحياة اليابانية الحديثة في إطار رؤية مسيحية كاثوليكية. اختير عضواً في الأكاديمية اليابانية عام 1981 ورئيساً لنادي القلم في اليابان عام 1988. صدر له العديد من الأعمال المهمة، وقد تُرجم بعضها إلى العربية مثل "البحر والسم" و "الصمت" (ت: كامل يوسف حسين) و "فضيحة" (ت: فلاح رحيم).

book

صحيح أنّ بورمان ( 1628 – 1679)كان ابن كاهن هولنديّ تربطه علاقة وثيقة بديكارت، إلّا أنّ علاقة الصداقة هذه لم تكن هي السبب الوحيد وراء موافقة ديكارت على إجراء هذه المحادثة. فمن المعروف عن فيلسوفنا تواضعه الكبير، وسعيه الدائم إلى مساعدة الطلاب الشباب، وتلقينهم علومه الرياضيّة، والوقوف على أسئلتهم، والاستماع إلى هواجسهم، وتفسير ما التبس عليهم. لكنّ الأمر يتعلّق هنا، والحقّ يُقال، بشاب لم يدخّر جهدًا في قراءة نصوص ديكارت، والانكباب عليها انكبابًا صادقًا، والغوص في تفاصيل أحكامها غوصًا عميقًا. كلّ هذا سمح له بتسجيل اعتراضات تنمّ عن رغبة رصينة في المعرفة، وتُنذر بميلاد فيلسوف كبير. من جهته، أبدى ديكارت لطفًا وكياسة وتواضعًا في الإجابة عن الأسئلة الموجّهة إليه، فلم يتذمّر أو يعترض، بل استغرق استغراقًا تامًّا في تفصيل الاعتراضات، وتوضيح نقاط الالتباس التي قد تطوف في ذهن قارئه، فكانت المحادثة هذه فرصة له كي يستشرف الأسئلة المستقبليّة التي سيطرحها دارسو فلسفته، لذا لم يألُ جهدًا في توضيحها.

book

إعداد وتنسيق محمد مشبال و محمد حسانين شهد الحقل البلاغي في مصر منذ نهاية القرن التاسع عشر حتى الآن محاولات متراكمة لتجديد البلاغة العربية، وإعادة التفكير في الدرس البلاغي برمته، سواء من حيث إعادة قراءة سياقات نشأة البلاغة العربية وتفسيرها، أو مقاربة العوامل المركبة التي شكلت أسئلتها المعرفية. وامتدت إعادة القراءة نحو محاولة الحفر المعرفي في اتجاهاتها ومنازعها، فكان السؤال حول ما إذا كانت البلاغة العربية في كل تجلياتها تمثل نسقاً واحداً أم نحن أمام أكثر من خطاب بلاغي، أو (بلاغات) متنوعة لكل منها أهدافها وطرائقها في النظر، بل عقيدتها حول مفهوم اللغة نفسها وطبيعة التواصل. لقد شهدت نهاية القرن التاسع عشر باكورة تشكل ما يشبه الاتجاه لإعادة النظر في البلاغة ومحاولة تجديدها على يد أمين الخولي في كتابه "فن القول" فضلاً عن مؤلفاته الأخرى، وكوّن مدرسة أطلق عليها مدرسة "الأمناء" (...). ومع انعطافة البلاغيين والنقاد العرب نحو الاحتكاك المباشر بالمناهج والنظرية الغربية في البلاغة ظهرت مشاريع علمية متراكمة لعدد وافر من الأساتذة المصريين التي أسهمت مشاريعهم في تأصيل الدرس البلاغي وإعادة صياغته وفق الاتجاهات والنظريات الجديدة. ولم تقف جهود النقاد العرب عند محاولة تأصيل خطاب بلاغي متنوع المرجعيات والأهداف بل يتسم بقدرته على التعاطي مع الأنواع والأجناس المتعددة أدبية وغير أدبية، مما يمثل رحابة واتساعا في المنظور ومحاولة لإثراء الدرس البلاغي الحديث.وفق هذه المعطيات العامة نأمل في إعداد كتاب جماعي يقف عند جهود هؤلاء الأساتذة والأسس المعرفية والإشكاليات التي حاولوا التصدي لها لبلورة اتجاهاتهم ومشاريعهم العلمية البلاغية. في ضوء تلكم الخلاصات الموجزة، وقع اختيارنا على هذا الموضوع ليشكل منطلق عمل بحثي مشترك يتسم بالموسوعية والشمول والتنوع، ويكون ركيزة بحث للقارئ العربي المتخصص، ومنطلق دراسات وبحوث أخرى قد تسهم في تعميق الرؤى تنظيرا وتطبيقيا.

  • تأليف
  • الناشردار الرافدين
  • السنة2021
book

يلعب توماس مان في هذه الجوهرة السردية لعبته الخطرة والمستحيلة، وهو يجعل المفاجآت تتوالى دون أن يفقد القارئ دهشته! هذه رواية سماوية تتداخل بما هو أرضي، حتى يحار القارئ وهو يمسك الكتاب بين السماء والأرض!قيمة الخطيئة هنا، أنَّها بقليل من السِّحر، أفضل الفضائل. ستشعرُ أيها القارئ أنَّك الهدف، والمرتجى المخبوء بين السطور؛ سيحدث ذلك حينما تضيع بين مفردات "الألم" و"اللذة" و"الهاوية" و"الطمأنينة". هذه رحلة لا تُمَل أبدا؛ في الاتجاهات كلها معاً في آن واحد، وإلى الأبد، وما وراءه قليلاً.

book

يتضمن الكتاب الذي بين يديك، عزيزي القارئ الكريم، أبواباً دار الحديث فيها حول الملوك وأحوالهم بشيء من التفصيل. فمن ذكر منادمتهم، ومطاعمتهم، إلى سرد صفات الندماء وما يجب للملوك عند الرعية من حسن التأدب، في حالتي الهزل والجد، إلى استعراض صنوف الأحاديث ونوادر الطرائف، يستقيها الجاحظ، الأديب المتفرد من أخبار المؤرخين والرواة متنقلاً بين أطباع الملوك وشعوبها، على اختلاف الديار، معقباً على كل رواية بأسلوبه الخاص، وتحليله المتفحص، والذي رسم بشكل مباشر صورة عن المجتمعات في زمانه في إطار أدبي خاص.وقد تناول الجاحظ بإسهاب الكلام عن الملوك من الخلفاء الأمويين والعباسيين وما تميز به كل واحد منهم من الصفات، حتى ليمكن وصف الكتاب بأنه تأريخ واسع لأخبار الدولتين الأموية والعباسية، وما يكتنف تلك الأخبار من النوادر والحكايات والمرويات.وكما في كل أعمال الجاحظ فقد تميز الكتاب ببراعة لغته ودقة نظامه وعناية ألفاظه بما يجعله سفراً أدبياً خالداً يحفظ للغة العربية بريقها ويقدم عن الأدب العربي صورة باهرة عبر إحدى روائعه الخلّاقة.

  • تأليف الجاحظ
  • الناشردار الرافدين
  • السنة2021
book

اللَّيلة الأخيرة لأربعة سجناء حُكِمَ عليهم بالإعدام، هذا هو موضوع تحفة جِزوالدو بوفالينو (1920-1996) "أكاذيب اللَّيل" التي فاز عنها بجائزة ستريغا لعام 1988. قصَّةٌ تدور أحداثها في مكانٍ وزمانٍ مقيَّدَين إلى أقصى الحدود، فالمكان زنزانةٌ على جزيرةٍ منسيَّةٍ، والزَّمانُ ثماني ساعاتٍ ليليَّةٍ تفصلهم عن الإعدام المقرَّر بُعَيدَ الفجر. ولكنَّ ما يفعله بوفالينو يتجاوز مجرَّد سرد قصَّةٍ. إنَّه يعيدنا، في أثناء انتظار بزوغ الفجر، إلى ذلك السُّؤال القديم والجوهريِّ عن معنى وجودنا، سائقًا شكوكه على لسان شخصيَّةٍ لم يخترها جزافًا لهذه الغاية، شخصيَّةِ كونسالڤو دي ريتيس. يستحضرُ هذا الكتاب إلى الذِّهن سِحْرَ سرديَّةِ "ألف ليلةٍ وليلة" و"الدِّيكاميرون" معًا، ويُعَدُّ أكثر روايات بوفالينو أصالةً، ففيه من غنى السَّرد ومن عمق الشَّخصيَّات وإتقان رسمها النَّفسيِّ أكثر ممَّا في روايتيه الأُخريَين. وربَّما لن نجد وصفًا أفضل للتَّعبير عن صنعة بوفالينو الرَّائعة من ذلك الذي نجده على الغلاف الخلفيِّ للكتاب في لغته الأصليَّة: "كلماتٌ في صِبغةٍ عتيقةٍ، مضفورةٌ متعةً وألمًا بقلم مؤرَّقٍ ينتظر، بصحبة شخصيَّاته، طلوعَ الشَّمس". في أواخر عام 2019 تكتشف زوجة الشَّاعر اللُّبنانيِّ الفقيد بسَّام حجَّار (1955-2009) مسوَّ دةً بخطِّ يد زوجها، ضمَّت آخر ما كان الفقيد منقطعًا إليه قبل رحيله، نَقْلَ هذا الأثر إلى العربيَّة عن الفرنسيَّة، غير أنَّ الأيَّام لم تسعفه؛ ولمَّا كان المخطوط المكتشَف غير مكتملٍ، فقد أناطت "دار الرَّافدين" مهمَّة إكمال التَّرجمة عن لغتها الأصليَّة، الإيطاليَّة، بالشَّاعر السُّوريِّ أمارجي الذي تحرَّى ما أمكن التَّوفيق بين الدَّفق الشِّعري للرَّاحل ودفقهِ الشِّعريِّ وبين المعجم اللُّغويِّ للرَّاحل ومعجمه اللُّغويِّ، فجاء هذا الكتاب ثمرةَ تضافر حساسيَّتين شعريَّتين خاصَّتين استطاعتا بحُسن إصغائهما إلى نبض النَّصِّ وإيقاعاته أن تصنعا تحفةً عربيَّةً لا تقلُّ سحرًا عن التُّحفة بلغتها الأمِّ.