خيارات التصفية

إعادة تعيين التصفية

المكتبة

فلتر
book

هل يمكن للإنسان أن يعيش بلا ذاكرة؟ تحت سلطة وباء جماعي يذكّر بأجواء البرتغالي ساراماغو في رائعته "العمى"، تتعطل ذاكرة الناس ومنهم أبطال هذه الرواية التي يدشنها أحمد الدوسري بعبارة مفتاحية: "تحذير... الوياء بُركة... جميعنا الآن لا منتمون". يتقاطع فقدان الذاكرة مع محاولة الايديولوجيا في البلدان العربية صياغة سياسة بلا ماضٍ، وتأسيس حاضر على هويات هلامية: من قلب "الاسم العربي الجريح" بتعبير المفكر المغربي عبد الكبير الخطيبي، تطرح الرواية أسئلتها الصعبة في الوجود والسياسة والفن بأسلوب لا يخلو من الفنتازيا: "الذكريات جنودٌ مجندة، وهو من سلاح المشاة، في مدينة لا يعرفها، أو لا تعترف به...تساءل مثل عصفور سقط من شجرة: لماذا لا تناديه المدينة إن لم تكن قد فقدَت ذاكرتها هي الأخرى؟".

book
$13.00

حكـاية شيقة من نمط الأسـاطير التي وضعهـا هوميروس أو فيرجل يقدمهـا فنلون بإطـار يجمع بين الحبكة المثيرة والمعـارف الأسـاسية في السيـاسة والدين والمجتمع. فالقصة التي تبدو كأنهـا وضعت للتسلية تأخذ القـارئ معهـا إلى جملة من الأسفـار الملحمية التي تستفيد من الحكـايات القديمة لتقدّم شخصياتهـا مغـامرات فـاتنة تحبس الأنفـاس من نـاحية فنية، وتبث برسـائل سيـاسية ومجتمعية من نـاحية أخرى، فالمؤلف الحـاذق أدان واقع فرنسـا أيـام لويس الرابع عشر وصوّر على نحو دقيق مشكلات المجتمع الأخلاقية والسيـاسية، وصفحات الفسـاد والخراب البشري على يد الحكومات الطـاغية، كل ذلك بإطـار شعري بـاهر وإن بدا النص نثريـاً، زادته جمـالاً روعة الترجمة وأصالتهـا.حقق الكتاب ولا يزال شهرة منقطعة النظير، فمنذ طبعته الأولى عـام 1699م أعيد طبـاعته وترجمته إلى لغـات العـالم 150 مرة حتى أوائل القرن التـاسع عشر ممـا يجعله من عيون الأدب العـالمي لمـا توافر عليه من جمـال أسلوب وصنعة أدبية رفيعة.

book

يستقبل تاكاموري وأخته توموي "الأبله الرائع" غاستون بونابرت القادم من باريس إلى طوكيو ما بعد الحرب العالمية الثانية. وينطلق شوساكو أندو، الروائي الياباني المعروف، إلى الغوص بمناسبة هذه الزيارة الطريفة في أعماق الحياة اليابانية الفريدة بعد معاناة طويلة مع الاستبداد والحرب والاحتلال. هنالك رغبة لدى اليابانيين في بداية جديدة تخذلها طبقاتٌ عميقةٌ من الفساد والكراهية والثأر. رواية شيقة ومتقنة، عميقة وصريحة في طرح أسئلة عالم ما بعد الحرب. تراوح فيها البلاهة بين الملهاة والمأساة، ويعيد فيها أندو كتابة أبله دوستيوفسكي بتنويعات حديثة. علّق على صدورها الروائي البريطاني غراهام غرين بالقول "أندو كما أرى هو واحدٌ من أفضل الروائيين الأحياء. وروايته "الأبله الرائع" دليلٌ قصصي مكتمل لطوكيو وللتجربة اليابانية."شوساكو أندو (1923 ـ 1996) روائي ياباني بارز تناول في أعماله الروائية أسئلة العلاقة بين الشرق والغرب والحياة اليابانية الحديثة في إطار رؤية مسيحية كاثوليكية. اختير عضواً في الأكاديمية اليابانية عام 1981 ورئيساً لنادي القلم في اليابان عام 1988. صدر له العديد من الأعمال المهمة، وقد تُرجم بعضها إلى العربية مثل "البحر والسم" و "الصمت" (ت: كامل يوسف حسين) و "فضيحة" (ت: فلاح رحيم).

book

صحيح أنّ بورمان ( 1628 – 1679)كان ابن كاهن هولنديّ تربطه علاقة وثيقة بديكارت، إلّا أنّ علاقة الصداقة هذه لم تكن هي السبب الوحيد وراء موافقة ديكارت على إجراء هذه المحادثة. فمن المعروف عن فيلسوفنا تواضعه الكبير، وسعيه الدائم إلى مساعدة الطلاب الشباب، وتلقينهم علومه الرياضيّة، والوقوف على أسئلتهم، والاستماع إلى هواجسهم، وتفسير ما التبس عليهم. لكنّ الأمر يتعلّق هنا، والحقّ يُقال، بشاب لم يدخّر جهدًا في قراءة نصوص ديكارت، والانكباب عليها انكبابًا صادقًا، والغوص في تفاصيل أحكامها غوصًا عميقًا. كلّ هذا سمح له بتسجيل اعتراضات تنمّ عن رغبة رصينة في المعرفة، وتُنذر بميلاد فيلسوف كبير. من جهته، أبدى ديكارت لطفًا وكياسة وتواضعًا في الإجابة عن الأسئلة الموجّهة إليه، فلم يتذمّر أو يعترض، بل استغرق استغراقًا تامًّا في تفصيل الاعتراضات، وتوضيح نقاط الالتباس التي قد تطوف في ذهن قارئه، فكانت المحادثة هذه فرصة له كي يستشرف الأسئلة المستقبليّة التي سيطرحها دارسو فلسفته، لذا لم يألُ جهدًا في توضيحها.

book

إعداد وتنسيق محمد مشبال و محمد حسانين شهد الحقل البلاغي في مصر منذ نهاية القرن التاسع عشر حتى الآن محاولات متراكمة لتجديد البلاغة العربية، وإعادة التفكير في الدرس البلاغي برمته، سواء من حيث إعادة قراءة سياقات نشأة البلاغة العربية وتفسيرها، أو مقاربة العوامل المركبة التي شكلت أسئلتها المعرفية. وامتدت إعادة القراءة نحو محاولة الحفر المعرفي في اتجاهاتها ومنازعها، فكان السؤال حول ما إذا كانت البلاغة العربية في كل تجلياتها تمثل نسقاً واحداً أم نحن أمام أكثر من خطاب بلاغي، أو (بلاغات) متنوعة لكل منها أهدافها وطرائقها في النظر، بل عقيدتها حول مفهوم اللغة نفسها وطبيعة التواصل. لقد شهدت نهاية القرن التاسع عشر باكورة تشكل ما يشبه الاتجاه لإعادة النظر في البلاغة ومحاولة تجديدها على يد أمين الخولي في كتابه "فن القول" فضلاً عن مؤلفاته الأخرى، وكوّن مدرسة أطلق عليها مدرسة "الأمناء" (...). ومع انعطافة البلاغيين والنقاد العرب نحو الاحتكاك المباشر بالمناهج والنظرية الغربية في البلاغة ظهرت مشاريع علمية متراكمة لعدد وافر من الأساتذة المصريين التي أسهمت مشاريعهم في تأصيل الدرس البلاغي وإعادة صياغته وفق الاتجاهات والنظريات الجديدة. ولم تقف جهود النقاد العرب عند محاولة تأصيل خطاب بلاغي متنوع المرجعيات والأهداف بل يتسم بقدرته على التعاطي مع الأنواع والأجناس المتعددة أدبية وغير أدبية، مما يمثل رحابة واتساعا في المنظور ومحاولة لإثراء الدرس البلاغي الحديث.وفق هذه المعطيات العامة نأمل في إعداد كتاب جماعي يقف عند جهود هؤلاء الأساتذة والأسس المعرفية والإشكاليات التي حاولوا التصدي لها لبلورة اتجاهاتهم ومشاريعهم العلمية البلاغية. في ضوء تلكم الخلاصات الموجزة، وقع اختيارنا على هذا الموضوع ليشكل منطلق عمل بحثي مشترك يتسم بالموسوعية والشمول والتنوع، ويكون ركيزة بحث للقارئ العربي المتخصص، ومنطلق دراسات وبحوث أخرى قد تسهم في تعميق الرؤى تنظيرا وتطبيقيا.

  • تأليف
  • الناشردار الرافدين
  • السنة2021
book

يلعب توماس مان في هذه الجوهرة السردية لعبته الخطرة والمستحيلة، وهو يجعل المفاجآت تتوالى دون أن يفقد القارئ دهشته! هذه رواية سماوية تتداخل بما هو أرضي، حتى يحار القارئ وهو يمسك الكتاب بين السماء والأرض!قيمة الخطيئة هنا، أنَّها بقليل من السِّحر، أفضل الفضائل. ستشعرُ أيها القارئ أنَّك الهدف، والمرتجى المخبوء بين السطور؛ سيحدث ذلك حينما تضيع بين مفردات "الألم" و"اللذة" و"الهاوية" و"الطمأنينة". هذه رحلة لا تُمَل أبدا؛ في الاتجاهات كلها معاً في آن واحد، وإلى الأبد، وما وراءه قليلاً.

book

يتضمن الكتاب الذي بين يديك، عزيزي القارئ الكريم، أبواباً دار الحديث فيها حول الملوك وأحوالهم بشيء من التفصيل. فمن ذكر منادمتهم، ومطاعمتهم، إلى سرد صفات الندماء وما يجب للملوك عند الرعية من حسن التأدب، في حالتي الهزل والجد، إلى استعراض صنوف الأحاديث ونوادر الطرائف، يستقيها الجاحظ، الأديب المتفرد من أخبار المؤرخين والرواة متنقلاً بين أطباع الملوك وشعوبها، على اختلاف الديار، معقباً على كل رواية بأسلوبه الخاص، وتحليله المتفحص، والذي رسم بشكل مباشر صورة عن المجتمعات في زمانه في إطار أدبي خاص.وقد تناول الجاحظ بإسهاب الكلام عن الملوك من الخلفاء الأمويين والعباسيين وما تميز به كل واحد منهم من الصفات، حتى ليمكن وصف الكتاب بأنه تأريخ واسع لأخبار الدولتين الأموية والعباسية، وما يكتنف تلك الأخبار من النوادر والحكايات والمرويات.وكما في كل أعمال الجاحظ فقد تميز الكتاب ببراعة لغته ودقة نظامه وعناية ألفاظه بما يجعله سفراً أدبياً خالداً يحفظ للغة العربية بريقها ويقدم عن الأدب العربي صورة باهرة عبر إحدى روائعه الخلّاقة.

  • تأليف الجاحظ
  • الناشردار الرافدين
  • السنة2021
book

اللَّيلة الأخيرة لأربعة سجناء حُكِمَ عليهم بالإعدام، هذا هو موضوع تحفة جِزوالدو بوفالينو (1920-1996) "أكاذيب اللَّيل" التي فاز عنها بجائزة ستريغا لعام 1988. قصَّةٌ تدور أحداثها في مكانٍ وزمانٍ مقيَّدَين إلى أقصى الحدود، فالمكان زنزانةٌ على جزيرةٍ منسيَّةٍ، والزَّمانُ ثماني ساعاتٍ ليليَّةٍ تفصلهم عن الإعدام المقرَّر بُعَيدَ الفجر. ولكنَّ ما يفعله بوفالينو يتجاوز مجرَّد سرد قصَّةٍ. إنَّه يعيدنا، في أثناء انتظار بزوغ الفجر، إلى ذلك السُّؤال القديم والجوهريِّ عن معنى وجودنا، سائقًا شكوكه على لسان شخصيَّةٍ لم يخترها جزافًا لهذه الغاية، شخصيَّةِ كونسالڤو دي ريتيس. يستحضرُ هذا الكتاب إلى الذِّهن سِحْرَ سرديَّةِ "ألف ليلةٍ وليلة" و"الدِّيكاميرون" معًا، ويُعَدُّ أكثر روايات بوفالينو أصالةً، ففيه من غنى السَّرد ومن عمق الشَّخصيَّات وإتقان رسمها النَّفسيِّ أكثر ممَّا في روايتيه الأُخريَين. وربَّما لن نجد وصفًا أفضل للتَّعبير عن صنعة بوفالينو الرَّائعة من ذلك الذي نجده على الغلاف الخلفيِّ للكتاب في لغته الأصليَّة: "كلماتٌ في صِبغةٍ عتيقةٍ، مضفورةٌ متعةً وألمًا بقلم مؤرَّقٍ ينتظر، بصحبة شخصيَّاته، طلوعَ الشَّمس". في أواخر عام 2019 تكتشف زوجة الشَّاعر اللُّبنانيِّ الفقيد بسَّام حجَّار (1955-2009) مسوَّ دةً بخطِّ يد زوجها، ضمَّت آخر ما كان الفقيد منقطعًا إليه قبل رحيله، نَقْلَ هذا الأثر إلى العربيَّة عن الفرنسيَّة، غير أنَّ الأيَّام لم تسعفه؛ ولمَّا كان المخطوط المكتشَف غير مكتملٍ، فقد أناطت "دار الرَّافدين" مهمَّة إكمال التَّرجمة عن لغتها الأصليَّة، الإيطاليَّة، بالشَّاعر السُّوريِّ أمارجي الذي تحرَّى ما أمكن التَّوفيق بين الدَّفق الشِّعري للرَّاحل ودفقهِ الشِّعريِّ وبين المعجم اللُّغويِّ للرَّاحل ومعجمه اللُّغويِّ، فجاء هذا الكتاب ثمرةَ تضافر حساسيَّتين شعريَّتين خاصَّتين استطاعتا بحُسن إصغائهما إلى نبض النَّصِّ وإيقاعاته أن تصنعا تحفةً عربيَّةً لا تقلُّ سحرًا عن التُّحفة بلغتها الأمِّ.

book

ميزّ نيتشه بين ثلاثة أشكال لدراسة التاريخ وهي: الأثري والقديم والنقدي. لكن السمة الأهم في كتابه هذا هي "الطريقة التي يسعى فيها مؤلفه إلى الاعتراف بالتاريخية التي لا مفر منها للوجود البشري، وتأكيد القدرة الإبداعية للبشر للتغلب على أنفسهم وماضيهم، والبدء في بناء علاقة جديدة بالزمن بشكل عام والماضي بشكل خاص". لكن نيتشه يحذر من هيمنة النظرة التاريخانية إلى الحياة: "بقدر ما يكون التاريخ في خدمة الحياة، فإنه يكون في خدمة قوة لا تاريخية، وعلى هذا النحو يكون تابعاً، فلا يمكن ولن يصبح أبداً علماً خالصاً مثل الرياضيات مثلاً".وقد ألقت النظرة التاريخانية في زمنه ظلالها القاتمة على الثقافة السياسية والتعليمية في ألمانيا آنذاك، التي تستخدم التاريخ كأداة لخدمة الحياة والماضي لتأكيد الهوية القومية الجديدة. يمثل نقد نيتشه للصلة الوثيقة بين السياسة والتاريخ نقطة مركزية في نقده للحداثة، حيث أشار إلى أن الإقرار بـ"قوة الماضي في فرض ادعاءاته على المستقبل يشكل دائماً تهديداً مباشراً لمشروع الحداثة". على الرغم من أن نيتشه لا يلغي دور التاريخ كلياً في تشكيل هوية الإنسان. لذا نراه يعود مرة أخرى في كتابه هذا إلى السؤال المركزي، الذي يتمحور حول هذه الذات، ويتعلق بموضوعة جوهرية طرحها في معظم كتبه: ما الذي يشكل الذات الحقيقية؟ أو كما يكتب: "اسأل نفسك، لماذا أنت موجود، وإذا لم تتمكن من الحصول على إجابة أخرى، فحاول مرة واحدة تبرير معنى وجودك".

book

كان نيتشه يرى في فاغنر عبقرية يمكنها أن تُعيد بعث الثقافة الألمانية والأوربية من الماضي وتجدّدها نحو المستقبل. وقد حسب في الفترة الأولى من علاقته بفاغنر بأنه وجد فيه الإنسان الذي كان جاهزًا لقيادة هذا الاتجاه والمضيّ قدمًا لتوجيه الناس نحو العظمة التي ماتت مع العصر القديم، وقد ربطتهما علاقة وطيدة عبّر عنها نيتشه في غير مناسبة، عمقها تأثرهما المشترك بشوبنهاور، فضلاً عن اعتراف نيتشه بالتأثير الراسخ للموسيقى عليه فكرياً وروحياً.بحلول الوقت الذي بدأ فيه حَدَثُ افتتاح مهرجان بايرويت عام 1876، وجد نيتشه في عبادة فاغنر والمشهد الاجتماعي المحموم الذي يدور حول مجيء وذهاب المشاهير، وضحالة الاحتفالات المحيطة به غير مستساغة، ثم إنه رأى في النجاح الضعيف الذي حصل عليه فاغنر بعد افتتاح المهرجان المناسبةَ التي أعاد على ضوئها تقييم فاغنر وأهمية موسيقاه. وهو ما عبر عنه في رسالة إلى صديقه روده في رسالة بتاريخ 17 آب 1869، حيث استخدم عبارة "سابق لأوانه"، لشرح فشل فاغنر في تحقيق اعتراف شعبي واسع النطاق.وقد اكتشف نيتشه بمرور الزمن أن فاغنر لم يكن هو الرجل الذي يتوافق مع تصوره حول التجديد، ورأى أنه وهب فاغنر جزءًا كبيرًا من التقييم الذي هو في الحقيقة يعود له أكثر مما لفاغنر، حتى إنه كتب في آخر هذا الكتاب الذي نترجمه أن فاغنر "ليس نبي المستقبل، كما قد يود أن يظهر لنا، بل مترجِم الماضي وموضِّحه".

book

يمكن ملاحظة التأثير الذي تركه شوبنهاور في نيتشه في هذا الكتاب، الذي نترجمه إلى العربية، وهو واحد من بين ثلاثة عشر نصّاً كان نيتشه قد خطط لكتابتها، إلا أنه اكتفى فيما بعد بأربعة منها وتخلّى عن الموضوع نهائيّاً، كما يوضِّح نيتشه في رسالته إلى صديقه جورج برانديز.صدرت النصوص في البداية كلّ نصٍّ منها على حدة، لكنها جمعت فيما بعد وصدرت في كتاب واحد. ويعرض الكتاب لأفكار وتصورات نيتشه عن دور الفيسلوف وأهميته في المجتمع والمعاناة التي يواجهها من محيطه بسبب آرائه النقدية وتصوراته المضادة للمعتاد والمتداول من الأفكار والعادات والسلوك، ثم تأكيده المتكرر أهمية إفساح فرصة أكبر أمام الفيلسوف والعالِم، وأن لا يتحوّلا إلى أدوات في خدمة الدولة، بل ويطالب بقوة بحيادية نشاطاتهما والمؤسسات التعليمية والكف عن أن تكون في خدمة أهداف الدولة ومصالح الرأسماليين.هذه أول ترجمة عربية لنصّ (شوبنهاور مربياً). وتنبع أهمية النصّ من أنه يساعد الباحث والقارئ معاً على فهم التطور الفكري لفردريك نيتشه وعلى تتبع العديد من الأفكار المطروحة في هذا الكتاب فيما طرحه بعد في كتبه اللاحقة.

book

كتاب "ديفيد شتراوس –المعترف والكاتب" هو أحد النصوص الأربعة التي صدرت للفيلسوف الألماني فردريك نيتشه بين الأعوام (1873-1876). وكان نيتشه قد خطط في الأصل، كما ورد في أوراقه، لإصدار ثلاثة عشر نصًّا تتناول موضوعات مختلفة، إلّا أنه لم يتمكن من إنجاز سوى أربعة منها. وكما تناولت النصوص الأخرى شخصياتٍ كالفيلسوف شوبنهاور ومؤلف الموسيقى الأوبرالية فاغنر، فإن نيتشه تناول في هذا الكتاب آراء وتصورات ديفيد شتراوس (1808-1874). بدأ نيتشه العمل على هذا الكتاب في عام 1873، وقد وجه نقدًا صارمًا ولاذعًا لأفكار وتصورات ديفيد شتراوس المسيحية، الذي صعد نجمه في تلك الفترة، وخاصة بين الهيغليين اليساريين، باعتباره مفكرًا لاهوتيًّا يطرح أفكارًا إصلاحية للدين المسيحي، على الرغم من رفضهم لاستنتاجاته، وخاصة في كتابه "حياة المسيح". علمًا أن شتراوس كان متأثرًا بأفكار هيغل واللاهوتي شلايرماخر الذي تتلمذ على يديه.وقد تركز نقد نيتشه لأفكار شتراوس اللاهوتية وعقائده الدينية التبشيرية الجديدة على نقد الثقافة الألمانية وتاريخها والمؤسسات التعليمية عمومًا، إلى جانب التزمت الفكري الذي كان يسم تصورات شتراوس الإيمانية. ما يميز هذا الكتاب هو سلاسة لغته وعمقها وتضمنها العديد من الأفكار، وخاصة الكيفية التي يُنظَر بها إلى التاريخ وقضية الإصلاح الديني. ثم إنه يعلم أن قاعدة النقد الفكري تقوم على التفكيك والتحليل وتقديم الحجج التي تتعلق بالنص وليس بشخص مؤلفها.