لقد عمَدَت الرواية الى البرهنة على هذا التقتير بما تملك من حروف ورسوم استمدّتها من تجارب بيكاسو وغويا وهنري مور الغرافيكية والنحتية، وما اقترحَتْه من تخطيطات أوّلية (سكيتشات قصصيّة) تستند الى الطبيعة السُداسية لمكعبات مدنٍ متخيَّلة من ذاكرة التاريخ الرافدينيّ. إنّ أيّ طبعة جديدة للرواية، لن تقدّم مزيداً لمستزيد، وعلى قارئها موضعةُ استجابته لنصّها في الموضع المقتِّر بأبعاده غير الكاملة، العودةُ الى اللحظة التي انطلقت فيها صفاراتُ الإنذار بعد منتصف الليل بساعتين من ليلة كانون الثاني الموحِشة تلك. كما عليه أن يخلُد إلى صمته ووحدته إلى جانب شمعةٍ وموقد. وغير هذين الاحترازين عليه أن يقارب نصوصَ (الكرّاسة) بخشية عصفورٍ بلّلته قطراتُ المطر الأسود الذي انهمر على البقعة المستهدَفة بالقصف الجوّي؛ أيْ، باختصار، عليه أن يفرَغ من هذه المهمّة على عجل؛ فما يقرؤه تخطيطٌ لرواية لا رواية كاملة.