book

الخيانة العظمى

نشأ الشعر في ميدان العمل أولاً، كالعمل اليومي، وتحصيل القوت، وفي ساحة الحرب، أو لعمل حاجيات البيت، وفي المطبخ، وعند تنويم الأم لطفلها، فولد الغناء، العمل الجسدي والفكري. إذن كان العمل فكان الغناء. وتطورت الحياة، وراح الإنسان يبحث عن قوة أكبر منه يرمي عليها كل آماله، وخيباته، ومظالمه، فلجأ إلى الإله وعبده للتقرب إليه، مناجاة، وتمجيداً، ودعاء، وتوسلاً، فكان أن رافق هذه العبادة ترديد قول ما تقرّبا إلى هذا المعبود، واتفق بمرور الوقت أن رافقه هز الرأس، ومن بعدها البدن، فبات هذا القول قريباً من الشعر الذي يتلى منغماً. عند هذا راح الخيال يقول ما لم يقله الواقع، فكان الشعر وليد الخيال كما هو وليد الواقع. وكان هذا الكتاب رحلة فحص للشعر المكتوب بلغة عبرية، وقد خرجنا بنتائج مهمة من هذه الرحلة.